متوكل هاشم عثمان مشرف عام
عدد المساهمات : 63 نقاط : 189 تاريخ التسجيل : 03/07/2012 الموقع : البجراوية
| موضوع: ثورة المحس.......ضد السلطة المركزية الجمعة يوليو 20, 2012 12:34 pm | |
|
ثورة المحس.......ضد السلطة المركزية
يبدو أن أقصى شمال السودان إبان الفترة المضطربة من عام 1822إلي 1823م كانت بمنأى عن الكوارث التى صاحبت الثورات التى اندلعت في وسط السودان وما اعقبها من قمع دموي . ومن الواضح ومنذ زمن مبكر أن أقصى الشمال بما فيه منطقة المحس كانت لها أهمية رئيسية كطريق يربط بين مصر والسودان تمر عبرها القوات العسكرية إضافة إلى ذلك طريقا لتجارة الرقيق والماشية . وتختلف حكومة منطقة المحس باختلاف أوضاع المحافظات وكانت تابعة لمحافظة دنقلا الخاضعة لسيطرة حكومة الخرطوم في عام 1833م (الباحث هيل عام 1959م).
ويبدو كذلك أن المنطقة قد عانت من فرض الضرائب عليها وبمعدلات عالية نسبيا وهي ضرائب على الأراضي والسواقي والجروف تم فرضها على منطقة دنقلا بأسرها وهي ضرائب كبيرة مقارنة بالضرائب المطبقة وقتذاك في منطقة بربر (الباحث هل 1959م) وأثارت الضرائب العالية وأسلوب جبايتها القاسية غضب الجماهير في منطقة المحس واندلعت ثورة ضدها في أبريل عام 1833م وقتل فيها أعداد كبيرة من المحس ِإبان تلك الثورة الشعبية ويروى المؤرخ هوسكين الذي كان متجها من منطقة الحفير إلي المحس , أثناء مغادرتي منطقة الحفير وصلت أنباء ثورة المحس على الضرائب إلي كاشف منطقة الحفير الذي كنت ضيفا عليه ورغم قلة المعلومات حول طريقة قمع الثورة وتداعياتها إلا أن آثارها المدمرة عمت مناطق كثيرة في الشمال والسبب المباشر لاندلاع تلك الثورة هي زيادة الضرائب على الأراضى والسواقي ويقول هوسكين أن قيمة الضرائب على السواقي كانت تساوي (ثلاثين قرشا وقطعتين من الكتان والغنم) ولكن زيادة القيمة عشرة أضعاف عن قيمتها الأولي ومع رفض مسؤولي الضرائب عن استلام قماش الكتان جعل الامر صعبا على الناس بدفع كل قيمة الضرائب نقدا وخاصة في ظل عدم وجود أسواق وندرة المعاملات التجارية التى كانت تتم بتبادل السلع والبضائع إضافة إلى ذلك ما كان يمارسه ضابط الضرائب المصرى من عنف وتعذيب وبتر للأعضاء من اجل الحصول على الضرائب ,, أدت إلي اندلاع التمرد بقيادة شخص يدعى بخيت إذ قام مع مجموعة من الأفراد بمهاجمة مأمور الضرائب (كيماكان) وثلاث من جنوده وقتل ثلاثة منهم على الفور تاركا الآخر يعاني سكرات الموت . وفي نهاية شهر أبريل من ذلك العام انضم إلي مجموعة القائد بخيت و ومساعده قاضى عيسي وما يربو على ألف وخمسمائة من الثوار وعلى إثرها تشكلت قوة مسلحة في منطقة دنقلا قوامها 150 من القوات المحلية و120من المتطوعين و500 من الحسانية والفونج و500 من جنود الملك طمبل وتم إرسالها إلي منطقة المحس تدعمها مدفع واحد (عيار 8رطل) وعند اقتراب القوات المعادية من ناحية الجنوب قامت قوات المحس بمهاجمتها عند قرية (حنك) بتاريخ الرابع من مايو ولكن كان تسليح قوات المحس ضعيفا حيث كان لديهم حوالي مائة وخمسون من البنادق القديمة معظمها من فتايل البنادق مع قليل من الذخائر والرماح والدروع والسيوف الالمانية والرماح المحلية المصنوعة من أشجار الطلح , عليه فقد تم هزيمتهم بسهولة وخلفت المعركة 120قتيلا من قوات المحس وبعدها اختفي القائد بخيت من ساحة المعركة وأعلن العفو العام ولكن الثوار المحس رفضوا ذلك وفي الحادى والعشرين من مايو بدأ بخيت مرة أخرى في تجميع قواته وتحصن على رأس مائة رجل بمنطقة (فقيرين فنتي) وشيد معسكر لقواته بمنحدر الصخور في جزيرة بالقرب من (حنك ) , ولكن هزمت قواته للمرة الثانية في شهر يونيو من نفس العام وقتل في هذه المعركة مائة وسبعون من رجاله وثلاثون جنديا تم أخذهم أسري لدى العدو وقد شهدت هذه المعركة معاملة سيئة لضحايا الحرب حيث ذكر المؤرخ هوسكين أنه شاهد مائة وخمسون زوجا من الأعضاء المبتورة من شهداء المعركة . وبذلك طوت هذه المعركة الباسلة صفحة ناصعة من تاريخ المنطقة ضد الظلم والاضهاد وهيمنة السلطة المركزية عليها ,وستظل جذوة تلك الثورة متقدة في الذاكرة الجماعية لجماهير المنطقة ونبراسا للسير في درب الحرية...
| |
|