متوكل هاشم عثمان مشرف عام
عدد المساهمات : 63 نقاط : 189 تاريخ التسجيل : 03/07/2012 الموقع : البجراوية
| موضوع: التقدم وعلاقته بالإنسان الأربعاء يوليو 04, 2012 5:07 pm | |
|
ما الذي نعنيه عندما نتحدث عن التقدم ونقول هذه أمة متقدمة وتلك أمة متخلفة؟ في تقديري أن الأمور اختلطت اختلاطاً شديداً وأن ما كان يطلق عليه "التقدم" في أوائل القرن الماضي لم يعد هو نفسه ونحن في أوائل القرن الواحد والعشرين. هل معيار التقدم هو معيار اقتصادي؟. أم معيار سياسي أم اجتماعي أم غير ذلك كله؟. وهل ينسب التقدم إلى الأفراد أم ينسب إلى المجتمعات؟. كلها تساؤلات لا يستطيع أحد أن يدعي أن لديه الإجابات النهائية عنها ومع ذلك فإن هـذا لم يمنع المفكرين في شتى أنحاء العالم من أن يجتهدوا اجتهاداتهم التي يقترب بعضها من البعض ويبتعد بعضها عن البعض ابتعاداً شديداً. وفي سبعينيات القرن الماضي وما بعدها اتجه معيار التقدم اتجاهاً إنسانياً. إذا كان الإنسان هو ما تسعى الأنظمة إلى رفاهيته وسعادته، فإن حقوق الإنسان الأساسية تكون هي الأولى بالانتباه والتركيز فحيثما تحققت وازدهرت حقوق الإنسان وأصبحت جزءاً من النسيج الاجتماعي بعبارة أخرى جزءاً من الحياة نفسها أو محور الحياة نفسها أمكن القول بتحقق التقدم. فأيما مجتمع مهما بلغ دخل الفرد فيه لا تتأكد فيه حقوق الإنسان الأساسية فإن هذا المجتمع لا يعتبر بحال من الأحوال مجتمعا متقدماً. ولما كانت حقوق الإنسان الأساسية ترتبط ارتباطاً عضوياً بسيادة القانون فوق إرادات الحاكمين والمحكومين جميعاً ولما كان ذلك كله لا يتحقق إلا في ظل الأنظمة الديمقراطية التي تقوم على السيادة الشعبية والتعددية وتداول السلطة ووجود مؤسسات حقيقية فإن الدول التي يتحقق فيها ذلك تعتبر دولاً متقدمة وما عداها لا يعتبر كذلك. وهكذا انتفى وصف التقدم وفقا لهذا المعيار عن الدول التي تخضع لأنظمة شمولية أياً كانت مسميات تلك الأنظمة. وهنا ثار جدل طويل: هل حقوق الإنسان الأساسية تنحصر في الحقوق السياسية دون غيرها؟ وما جدوى حرية التعبير إذا كانت إمكانية التعبير غير قائمة؟ وما جدوى المشاركة السياسية لمن لا يجد قوت يومه؟ ومرة أخرى اتسع معيار التقدم الذي يعتمد على مقولة حقوق الإنسان لكي يشمل في نطاقه إلى جوار الحقوق السياسية نوعاً آخر من الحقوق هو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والفرص المتكافئة للجميع.
| |
|